يمثل مؤتمر الأطراف الرابع والعشرون (COP 24) لاتفاقية برشلونة، الذي تستضيفه مصر في القاهرة خلال الفترة من 2 إلى 5 ديسمبر 2025، محطة فارقة في الذكرى الخمسين لبدء تنفيذ الاتفاقية. وينعقد المؤتمر تحت شعار “بحرنا المتوسط… مستقبلنا” ليشكل لحظة حاسمة يجب فيها على الدول الأطراف الـ21 والاتحاد الأوروبي الانتقال من مرحلة التخطيط والسياسات إلى مرحلة التنفيذ الفعّال لمواجهة التهديدات البيئية المتصاعدة.
التحديات الرئيسية ومحاور العمل الاستراتيجية
يواجه البحر المتوسط مجموعة خطيرة من مصادر التلوث، وعلى رأسها التلوث البلاستيكي، رغم كونه موردًا أساسيًا للأمن الغذائي والطاقة النظيفة. ويرتكز جدول أعمال المؤتمر على أربعة محاور استراتيجية تشمل:
- مكافحة التلوث:
سيتم تكثيف الجهود لمواجهة النفايات البحرية، مع تركيز خاص على الحدّ من البلاستيك أحادي الاستخدام. - الاقتصاد الأزرق:
يهدف المؤتمر إلى الدفع نحو اقتصاد أزرق مستدام يوازن بين الأنشطة الاقتصادية مثل السياحة وصيد الأسماك والشحن وبين متطلبات حماية البيئة البحرية. - تعزيز القدرة على التكيف مع المناخ:
من المتوقع اعتماد الإطار الإقليمي للتكيف مع تغير المناخ (2026–2035)، لتعزيز قدرة المنطقة على مواجهة ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة حرارة المياه. - التنوع البيولوجي:
سيجري استعراض التحديثات الخاصة بـ برنامج العمل الاستراتيجي للحفاظ على التنوع البيولوجي (SAP BIO)، بهدف حماية الأنواع المهددة في البحر المتوسط.
التحوّل المطلوب: من التخطيط إلى التنفيذ
تُعد اتفاقية برشلونة إطارًا إقليميًا قانونيًا ملزمًا منذ 1976، وقد أعيد تنقيحها في 1995، وهي تستند إلى مبادئ أساسية مثل مبدأ الحيطة و مبدأ الملوِّث يدفع.
وتعتمد الاتفاقية على سبعة بروتوكولات تُشكّل ما يعرف بـ “النظام القانوني لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة/خطة عمل المتوسط (MAP)”، وتشمل قضايا التصريف البحري، والتلوث من مصادر برّية، والتنوع البيولوجي، والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية.
في ظل الذكرى الخمسين، يواجه المندوبون ضغوطًا كبيرة لتطبيق هذه البروتوكولات، خاصة تلك المتعلقة بإدارة النفايات الخطرة والمناطق الساحلية، بما يتطلب توحيد التشريعات والرقابة في جميع دول المتوسط. فالتعاون هنا ليس خيارًا، بل ضرورة لضمان الحد من التلوث وتحقيق نتائج ملموسة.
المخرجات السياسية والسياسات المتوقعة
من المتوقع أن يسفر COP 24 عن مجموعة من المخرجات المؤثرة، أبرزها:
- “إعلان القاهرة”:
إعلان سياسي يضع الاتجاه الاستراتيجي للعقد القادم، مع التركيز على الحوكمة البيئية والتكنولوجيا النظيفة ومشاركة المجتمعات. - استراتيجية المتوسط للتنمية المستدامة (MSSD 2026–2035):
خطة محدثة لمدة عشر سنوات لتعزيز الاستدامة البيئية والتنمية الاقتصادية، مع التركيز على التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتغير المناخ، والمناطق الساحلية والبحرية. - مركز إقليمي جديد للمناخ:
من المتوقع اتخاذ قرار بإطلاق مركز إقليمي لنشاط المناخ (CC/RAC)، قد تستضيفه تركيا، ليكون منصة محورية للبيانات والسياسات المناخية. - ضبط التلوث الناتج عن الشحن البحري:
مراجعة التقدم المحرز نحو إعلان البحر المتوسط منطقة للحد من انبعاثات أكاسيد الكبريت (SOx ECA)، بما يسهم في خفض التلوث الهوائي من السفن الدولية.
تعزيز الدور القيادي لمصر في الدبلوماسية البيئية
يعزز هذا المؤتمر الدور القيادي لمصر في العمل البيئي الإقليمي، بعد استضافتها فعاليات سابقة مثل مؤتمر بورتوروز (COP 23) وأنطاليا (COP 22). وفي ظل الذكرى الخمسين، تتزايد الحاجة إلى انتقال الدول من مرحلة “التخطيط” إلى “التنفيذ”، خصوصًا في بروتوكولات النفايات الخطرة وإدارة المناطق الساحلية.